Thursday, 16 March 2017

فيلم سبليت Split وما يسببه الألم

فيلم سبليت Split 
يمكنك تحميل الفيلم من هنا 
تورنت فيلم split سبليت
تحميل تورنت سبليت
هو أحدث أفلام الخارقين المعروض حالياً بالسينما، والمرشح بطله الرائع جيمس مكفوي لنيل الأوسكار عن دوره فيه، وقبل أن نتحدث عن الفيلم نود أن نشير إلى أنه إذا لم تكن شاهدت الفيلم بعد، فالتفاصيل التالية قد تُفسِد عليك متعة المشاهدة، ولكنها أيضاً قد تمنحك رؤية أعمق له.

    الإساءات والانفصام والانحلال واضطراب تبدد الشخصية

نُسِجَت أحداث الفيلم حول اضطراب نفسي هو "اضطراب انحلال الشخصية"، أو "اضطراب تبدد الشخصية Dissociative identity disorder DID"، وبالرغم من أن سيناريو الفيلم قد تضمن القليل من العلم والكثير من الدراما، إلا أنني أحببت التعليق عليه، إذ سبق أن أشرت لهذا الاضطراب بالفعل في سلسلة الإساءة إلى الأطفال.

يدور الفيلم حول الشاب "كيفن وندل كرامب" الذي يتلقّى العلاج النفسي لدى الطبيبة "كارين فليتشر/ بِتّي باكلي" بعد تشخيصه باضطراب "انحلال الشخصية" أو "اضطراب تبدد الشخصية".

من خلال أحداث الفيلم نتعرف على نقاط الضعف في حياة "كيفن"، والتي تسببت في انفصال أو انقسام الأنا عنده إلى شخصية جديدة.

النقطة التي أثارها الفيلم لدى مشاهديه هي: هل هناك ثمة اضطراب مماثل؟ والحقيقة أنه بعد تجريد الأحداث من البهارات الدرامية يتبقى لدينا اضطراب بالغ الندرة، إلا أنه موجود بالفعل لكنه ليس من الشيوع إلى الحد الذي يُمَكّن من دراسته باستفاضة، وتكوين رأي قاطع فيه، وقبل تشخيصه لا بد من استبعاد صرع الفص الصدغي "Temporal Lobe Epilepsy".

يقول الدكتور "ستيف جوردان" أستاذ علم النفس بتورنتو - كندا "إن الصورة النمطية المشهورة عن انحلال الشخصية بين المتخصصين هي لحالة طفلة، والدها مهتم وعطوف إلا أنه كثيراً ما يرجع إلى البيت مخموراً، وفي هذه الحالة اعتاد الإساءة إلى الطفلة، هنا تجد الطفلة نفسها في صراع بين الوالد الذي تحبه ويهتم لها، والوحش الذي ينتهك طفولتها، وكي لا تخسر الوالد الذي تحتاجه تدفعها غريزة البقاء للانحلال إلى شخصية أخرى تواجه المخمور المعتدي، وتتعامل معه بقدر استطاعتها، بينما تستمتع الطفلة بحنان الأب منفصلة بوعيها عن الإساءة المتكررة".

من وجهة نظر تحليلية يمثّل انحلال الشخصية ردة فعل دفاعية ضد صراع داخلي [نزعات ورغبات قوية ضد قيم ومعتقدات داخلية راسخة]، وظهرت في الفيلم في شخصيتي "دينيس وباتريشا"، أو صراع خارجي لا تقوى الأنا الطبيعية على احتماله، وظهر في الفيلم في شخصيتي "دينيس والوحش"، واللذين خرجا كردة فعل على الإساءات والأذى التي تعرّض لها "كيڤن" في عمره المبكّر.

    نوبات الانحلال العارض

ذكرنا من قبل أن هذه الاضطراب بالغ الندرة، ولكن هناك صورة أكثر شيوعاً من هذا الاضطراب، وهي "نوبات الانحلال العارض" أو "Dissociative episodes"، وهذه النوع من النوبات نشاهده كثيرا خلال ممارستنا الطبية، ومن أشكاله اضطراب الحكم على الواقع derealization، واهتزاز الوعي بالمكان أو الزمان أو كليهما، ويدخل تحتها الكثير مما يشخصه غير المتخصصين على أنه "مس أو لبس"، ويمكن فهم هذه النوبات بشكل تحليلي على أنها نوبة انفصال عن الواقع أو انحلال عارض.

    ما الذي يفعله بنا الألم؟

تعرضنا للألم الشديد قد يكسرنا ويفتتنا كما فتت كيفن إلى "دينيس الحامي، وهيدويج الطفل، وباتريشا الأنثى، وباري المفاوض الموفِّق، وحتى الوحش المنتقم" كلها شظايا نفسيّة تتناثر داخل الكثير منا، وهي تكون أعظم ما تكون في الأزمات والتجارب الضاغطة، وأنا أدعوك ألا تتبدد في ألمك، وأن تلملم شظايا نفسك بقبول نفسك كما أنت، القبول غير المشروط الذي لم يجده كيڤن، خذ خطوة بمصالحة نفسك على نفسك.

اسمح للطفل بالخروج تحت رعايتك، ادعه للفرح والغناء كيفما شاء، ولا بأس أن تصحبه حيث يجد طفولته، واسمح للغاضب الذي يحيا داخله بأن يعبر عن مشاعره، وحنقه حتى تجاهك أنت، واقبل الأنثى النفسية التي تحيا فيك [والرجل النفسي الداخلي في المرأة]، اقبل مشاعرها واحتياجها للدفء والأمن والاحتواء، وأقبلي الذكورة النفسية برغبتها في الانطلاق والمبادرة والقيادة. هذا القبول هو الذي ينشر السلام النفسي داخلك، فنحنا لسنا متناقضين ولكننا بشر.

تعرضنا للألم الشديد قد يكسرنا، أو يجعلنا أصلب عودا، وهناك احتمال أن يخرج أفضل ما فينا، أو يخرج أسوأ ما فينا، وهذا ما جسدته الشخصية الرابعة والعشرين لكيفن، والتي ظهرت في آخر أحداث الفيلم كتمهيد لأجزاء أخرى من الفيلم، وهي شخصية "الوحش"، الذي يعبر عن الغضب الداخلي والألم المحبوس داخل الطفل كيفن المتلعثم الذي اعتاد إساءات والدته والآخرين، هذا الألم تجسّد في شكل مادي، وعاد - ليس فقط لحماية كيفن ضد مزيد من الألم - وإنما لينتقم، ويظهر الإسقاط الواضح على هذه النقطة عند قرر الوحش أن يعفي الفتاة "كيسي كوك/ آنا تايلو-جوي" من انتقامه بعدما رأى آثار أذى على جسدها، ليقول لها الكلمة التي علقت في أذهان المشاهدين: "غير المطهرين، الذين لم يمسهم أحد، ولم يتعرض لهم بالأذى أحد، الذين لم يتذوقوا الألم لا قيمة لهم في أنفسهم أو العالم، أما أنت فلست كالبقية؛ مطهّرة القلب اسعدي وابتهجي فالمكسورون هم الأنقى".
المقال يمكنك قرائته من هنا http://adf.ly/1lWrGe.